Thursday, April 2, 2009

مناقشات الحجاب، بين التكتيكات الجديدة والمغالطات الشديدة !!!0

من أتعس دروس التاريخ: إذا كنا مخدوعين لوقت طويل فإننا نميل إلى رفض كل دليل على أننا خدعنا ... فليس من السهل على الأنسان أن يعترف - حتى أمام نفسه - أنه كان على هذه الدرجة من السذاجة ... كارل ساجان


من يتابع النقاشات الدائرة بشأن النقاش يكتشف أن مناقشات الحجاب شهدت مقاربات أي مناحي ووسائل مختلفة للدفاع عن فريضة الحجاب: ٠
المقاربة الأولى

الحجاب شرع صيانةً للرجل لتحقيق فريضة "غض البصر" ٠ 

تمثل هذا الادعاء في القول بأن الحجاب لم ينزل أساسا ليكون سترا للمرأة، بل صيانة للرجل، وما المرأة وحجابها إلا أداة مساعدة لتحقق ذلك المقصد الديني وهو غض البصر !!!٠

ولكن نظرا لسخافة هذا القول وعدم وجود أي أدلة دينية واضحة عليه لم يجد هذا الإدعاء مكانا مستقرا بين نقاشات الحجاب. 0
ولكن الشيء الأكثر حسما في عدم قدرة بقاء هذا الادعاء على السطح هو الصداع الدائم في دماغ كل نصير من أنصار الحجاب، ألا وهو اختلاف عورة الحرة عن عورة الأمة للدرجة التي اتفق فيها جمهور الفقهاء على أن عورة المسلمة الأمة هي ما بين الركبتين والسرة، أي مثل عورة الرجل، وهو ما يعني عدم تغطية لا للشعر، ولا للصدر !!!٠

وبالتالي كان اختلاف العورة بين الحرة والأمة هادما لهذا الادعاء لأن الإماء لم يكن عليهن التحجب ولا ستر الشعر وبالتالي القول بأن الحجاب نزل أساسا لصيانة الرجل ادعاء يناقضه واقع فقهي موجود بالفعل لا يلزم الأمة بالحجاب إلا في حالة الجمال الشديد الصارخ !!!٠

ولكنه في آخر الأمر الاستثناء وليس القاعدة !!!٠

فأين صيانة الرجل المزعومة إذن، طالما كان الفقه يتساهل في عورة الأمة !!!٠

وعندما عجز أنصار الحجاب عن التخلص من هذا الصداع المتمثل في اختلاف عورة الحرة عن عورة الأمة والذي طرحه التنويريون في منتصف الثمانينات على يد الدكتور حسين أحمد أمين والمستشار العشماوي وغيرهم تفتق ذهنهم عن حيلة أخرى للتخلص من هذا الصداع وهو ببساطة طريقة "تخلص من الجميع فيرتاح الجميع" !!!٠

يتمثل هذا التكتيك المثير للضحك في إسقاط التفريق بين عورة الحرة وعورة الأمة بأثر رجعي، أي والله بأثر رجعي، أي بعد مرور 14 قرنا كاملا من الزمان !!!٠

إن هذا التكتيك يثير الشفقة على المدافعين عن فريضة الحجاب والبكاء في نفس الوقت على ما آل إليه التلاعب بالأسس العلمية والدينية من اجل خاطر عيون الحجاب !!!٠ 

وهناك نسختان من هذا التكتيك الثاني، قد يجتمعان وقد يأتيان منفردين: ٠

النسخة الأولى: إثبات خطأ العلماء في التفريق بين عورة الحرة وعورة الأمة من خلال إثبات ضعف حديث "إذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته، فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة." ٠
وهم في ذلك التضعيف يتجاهلون أن الحكم الشرعي لا يستفاد فقط من الأحاديث، بل له مصادر أخرى، حتى لو سلمنا بضعف هذا الحديث فعلا، ومن هذه المصادر مثلا قول أو فعل الصحابة ولدينا وقائع صحيحة عن قيام سيدنا عمر بن الخطاب بنزع حجاب الإماء – إن تحجبن حتى يظهر رؤوسهن وشعورهن. ولو كان في هذا الدليل على صحة التفريق لكان كافيا !!!٠! 

ففعل أو قول الصحابي حجة ما لم يخالفه صحابي آخر، وليس عندنا من مرويات الصحابة ما يدل على مخالفة أحد من الصحابة لسيدنا عمر في هذا أو استنكاره عليه فعله لذلك الأمر، ولا حتى من الفقهاء الذين كانوا يردون هذه الوقائع على سبيل الاستدلال على صحة التفريق بين عورة الحرة وعورة الأمة. ٠

النسخة الثانية: القول بأن التفريق الذي استقر في كتب الفقه لمدة 14 قرنا من الزمان إنما مبعثه خطأ "صغير" "غير مقصود" في سند الأحاديث التي تفسر سبب نزول آية "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" كما وردت عند الطبري ، والقول بأن الأحاديث التي قالت بأن سبب نزول تلك الآية كان للتفريق بين الحرة والأمة إما أنها احاديث ضعيفة السند أو أحاديث غير صريحة في السببية بنزول الآية لهذا الغرض !!!٠

وهذا القول مردود عليه أيضا بأنه الأحاديث حتى لو كانت ضعيفة فإنها تقوي بعضها البعض فيصير الحديث بهذا حسنا لغيره، فهو صحيح أصلاً ضعيف لكنه قد ارتقى بغيره من الأحاديث المتشابهة لفظيا لمرتبة الحسن. ٠

ومما يؤكد هذا القول بأن جمهور الفقهاء والمفسرين اتفقوا على أن الآية إنما نزلت للتفريق بين الحرة والأمة في الملبس لكي لا تتعرض الحرة للإيذاء على يد فساق المدينة ولا أعرف شخصيا من قال بعكس ذلك حتى المحدثين منهم مثل سيد قطب في ظلال القرآن قالوا بذلك ، وحتى الظاهرية قالوا بذلك السبب في نزول الآية وإن قالوا بوجوب تساوي الحرة والأمة في حكم الحجاب في مخالفة لإجماع أهل السنة في التفريق بين عورة الحرة وعورة الأمة. ٠

إن هذه التكتيكات الجديدة تثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن الحجاب قد تحول لدى أنصاره المتشددين إلى مرض يجعلهم يستبيحون كل شيء حتى تكذيب كبار الفقهاء وكبار مفسري القرآن من أجل خاطر عيون الحجاب هكذا بلا أدنى اعتبار للتراث الفقهي ولا للمعتبر من الفقهاء والمفسرين  !!!!٠

ابن رشد المصري

No comments:

Post a Comment

نحن هنا نبحث عن الحقيقة ولسنا في عراك، فمن كان يبغي العراك فأدعوه إلى مغادرة المدونة، أما من كان راغبا في البحث عن الحقيقة فأهلا وسهلا به مهما اختلف معنا في الرأي، طالما التزم بثقافة الاختلاف وآدابها. 0