الإجابة: الإجابة عن هذا السؤال تقود إلى الفرق بين الأحكام معقولة المعنى والأحكام التعبدية. 0
الأحكام التعبدية هي تلك الأحكام التي لا تدرك فيها المناسبة بين الفعل والحكم المرتب عليه وذلك كعدد الصلوات وعدد الركعات وكأكثر أعمال الحج. 0
أما الأحكام معقولة المعنى فهي الأحكام التي يعقل علتها، أي يمكننا أن نعرف المناسبة من تشريعه. 0
والحجاب كان حكما معقول المعنى وهذا خلافا للأحكام التعبدية، أي معللا بعلة واضحة، وهي التفريق بين الحرة والأمة: 0
جاء عند الشنقيطي: 0
تفسير أضواء البيان في ايضاح القرآن بالقرآن للشنقيطيالشنقيطي، 6/395
وبالتالي فنحن نعرف المناسبة من تشريعه وبالتالي مناقشة قضية مثل الحجاب لا هي خروج على شرع الله ولا هي كفر ولا هي هجوم على ثابت من ثوابت الدين كما يُشنع عادة على من يرى بأن الحجاب ليس فريضة. 0
إن الجهل بالفرق بين الأحكام معقولة المعنى والأحكام التعبدية يظهر بجلاء الخطأ الكبير الذي يقع فيه كثير من أنصار الحجاب حينما يساوون بينه وبين فرض مثل الصلاة في القيمة وفي النوع، فالصلاة حكم تعبدي وبالتالي فهو غير خاضع للمناقشة من حيث كونه فرضا أم لا وهو ليس ذات الأمر بالنسبة للحجاب الذي كان حكما معقول المعنى وبالتالي مناقشة "الأسباب" المتعلقة به وبتشريعه ليست تمردا على الدين أو شيء من هذا القبيل، إذ كان الحجاب أصلا فرضا مسببا فما المشكلة في مناقشة تلك الأسباب؟؟؟؟
كما جاء عند ابن تيمية بشكل لا لبس فيه الآتي: 0
والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والأمة تبرز وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمة مختمرة ضربها وقال أتتشبهين بالحرائر أي لكاع فيظهر من الأمة رأسها ويداها ووجهها . 0
يمكن مراجعة توبك عورة الأمة في المذاهب الأربعة في نفس المدونة
يمكن مراجعة هذا التوبك في نفس المدونة: 0
ومما يؤكد على أن العلة في حكم الحجاب كان التفريق بين الحرة والأمة هو ما ورد إلينا في بعض كتب الفقه من حالة طريفة يعتق فيها السيد أمته في أثناء صلاتها: 0
جاء في المهذب في فقه الشافعي للشيرازي ص 99 الآتي: 0
وإن دخلت الأمة في الصلاة وهي مكشوفة الرأس فأعتقت في أثنائها، فإن كانتالسترة قريبة منها سترت وأتمت صلاتها، وإن كانت بعيدة بطلت صلاتها، وإن أعتقت ولم تعلم حتى فرغت من الصلاة ففيها قولان كما قلنا فيمن صلى بنجاسة ولم يعلم بها حتى فرغ من الصلاة. انتهى
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
أي أن صلاة الأمة بغير خمار كانت مقبولة لدى الفقهاء لأن علة التفريق بينها وبين الحرة كانت منطبقة عليها، وبالتالي لم يكن عليها ستر شعرها حتى في الصلاة. 0
أما ما يطرح عادة من وجوب استمرار الأمر بالحجاب برغم الغاء الرق فهو يستند إلى مستندين أساسين: 0
أولا: كل النساء في هذا العصر حرائر وبالتالي عورة الحرة هي الملزمة
والرد على تلك النقطة يتمثل في الآتي: 0
من القواعد الفقهية المقررة هي قاعدة " الحكم يدور مع علته وجودا وعدما"، وهو ما يعني أن الحكم يظل قائما ما دامت العلة متحققة، ويزول في نفس الوقت إذا ما زالت العلة، فالعلة هي الداعية للحكم. 0
وبالتالي، فإن العلة التي دعت إلى حكم الحجاب وهي التفريق بين الحرة والأمة لم تعد موجودة بعد أن ألغت كل دول العالم الرق، بما فيها كل الدول الإسلامية. وبالتالي لم تعد الحاجة إلى العمل بالحكم في التفريق بينهما في الملبس من خلال ضرب الخمار على الجيوب قائمة. 0
ثم هناك سؤال دائما اسأله حينما أسمع هذه المقولة أي أنه لم يعد هناك إماء فعورة الحرة هي الواجبة: 0
هل الحجاب فريضة؟
إننا في زحمة نقاشات الحجاب ننسى أن الحكم بالحجاب كان له عله وأنه نشأ بناء على تلك العلة، وما لا افهمه حقيقة إلى الآن كيف يستمر العمل بحكم انتفت علته، فلم يعد لدينا حرائر وإماء فلما الحاجة إلى هذا التفريق بضرب الخمار على الجيوب؟؟؟؟؟؟؟
ملحوظة مهمة: الفرق بين العلة والحكمة: 0
العلة هي الباعثة على الحكم،
ولها شروط لا بد ان تتوفر في الشيء لكي يكون علة: 0
أن تكون العلة وصفا ظاهرا، أي غير خفي أي أي يمكن التحقق من وجوده ومثالها الرضا في العقود فإنه خفي لا يعرف، ولذلك كانت العلة في صحة تلك العقود الصيغ الشرعية من الإيجاب والقبول. 0
ان تكون العلة وصفا منضبطا أي لا تختلف باختلاف الأزمان والأماكن إلا بقدر يسير . 0
ان تكون العلة وصفا مناسبا للحكم أي ملائما له كالعدوان في القتل مثلا أو الإسكار في تحريم الخمر. 0
أن تكون العلة وصفا متعديا أي عامة لجميع المكلفين. 0
أن تكون العلة من الأوصاف التي لم يلغ الشارع اعتبارها أي أن لا يصادم الوصف نصا فقهيا. 0
أما الحكمة فهي مقصود الشارع من الحكم وهي نتيجة للحكم وليست هي بوصف ظاهر منضبط كالعلة حتى تكون معرفاً أو علامة للحكم .0
فالإفطار في السفر في رمضان، ما علته وما حكمته؟
العلة فيه السفر لمسافة تزيد عن 80 كيلو مترا بحسب أرجح الأقوال، والحكمة فيه مظنة الإرهاق والمشقة
والمعروف أن الأحكام الفقهية تنبني عادة على العلة وليس على الحكمة إلا إذا كانت الأخيرة منضبطة بحسب ما يتطلب الفقه. 0